الفــن الجديــد للتفــاوض
سيد نوري محمد همت
كيف تنجز أية صفقة؟
تأليف جيرارد آي . نيرنبرج ، وهنري إتش .كاليرو
---------------------------------------- إعداد: سيد نوري محمد همت
"الفن الجديد للتفاوض" كتاب مترجم من الطبعة الإنجليزية (Negotiating The New Art Of ) ، وهو كتاب من الحجم الصغير يقع في 204 صفحة، وثمانية فصول، اشترك في تأليفه كل من الأمريكيان جيرار آي . نيرنبرج وهو محام ناجح ورائد فلسفة "الكل رابح" والذي يضمن استفادة كل الأطراف من التفاوض ، وهنري إتش . كاليرو، وهو أحد محاضري فن التواصل والتفاوض منذ أكثر من 30 عاماً. بينما قامت مكتبة جرير بترجمتها إلى العربية ونشرها وتوزيعها في العام 2010 م.
يقول الخبير السياسي الأمريكي دين آتشيسون " التفاوض بالمعنى الكلاسيكي الدبلوماسي هو افتراض أن الطرفين راغبان في الاتفاق أكثر من عدم الاتفاق"، تلك الروح التعاونية تمثل واحدة من أولى الأساسيات التي ركز عليها المؤلفان في الفصل الأول في تعريف التفاوض كعملية أو مشروع تعاوني. باعتبار أن عمليات التفاوض ضرورية في عدد لا يحصى من الظروف وفي كل مجالات الحياة، شريطة أن يتمتع المفاوض الحقيقي بسرعة بديهة ولكن مع صبر بلا حدود، وتواضع مع حزم .
الفصل الثاني يتناول فيه المؤلفان السلوك الإنساني الأساسي، الحاجات والأنماط والدوافع، باعتبار أن "الإدارة الصحيحة لدراسة البشرية هي الإنسان نفسه" كما يقول الشاعر الإنجليزي "ألكسندر بوب" ، ومن هذا المنطلق فإنه مهما كانت المشكلات القائمة يمكن تسوية كل المفاوضات بالمجهود المشترك، ومن ثم يصبح من المنطقي أن يكون الإنسان على دراية بالأشخاص وطبيعتهم لكي يستطيع التفاوض بنجاح، لأنه بدون هذه المعرفة لا يمكن للمفاوض أن يقود جهداً مشتركاً مثمراً، وبالنسبة لأولئك الذين يتفاوضون كثيراً على المستوى المهني يمثل الفهم المتعمق للسلوك الإنساني البسيط ضرورة حتمية لأن هذه الح
اجات تمثل البوابات الرئيسة نحو اتقان فن التفاوض.
وفي الفصل الثالث يتناول المؤلفان مقومات المفاوض الناجح من المهارات المهمة إلى السمات الشخصية الجذابة، مثل الاستماع والحديث الفعالين، والتقصي الفطن للحقائق، والدعابة ، والثقة بالنفس، وضبط النفس،
والصراحة والصدق، والإصرار والصبر والإبداع، يقول جورج روس وهو فنان تشكيلي فرنسي: "لكي تكون ناجحاً عليك أن تكون قادراً على أن تتواصل مع الآخرين، ويجب أن يكونوا راضين عن شخصيتك لكي يتمكنوا من إقامة علاقات عمل معك وبناء تلك العلاقات على الثقة المتبادلة" ففن التفاوض يتطلب من المفاوض أن يكون مثل الرسام الذي يستخدم الكثير من الألوان والأساليب مع الحرص على تطوير أكبر قدر ممكن من السمات الساحرة والمهارات الجذابة، وإظهارها في أوقات مناسبة ومتنوعة.
في الفصل الرابع يستعرض المؤلفان جيرارد وهنري فترة التحضير والاستعداد للتفاوض والخطوات المبدئية والأساليب الممكنة، فبغض النظر عن عدد المرات التي تتفاوض فيها، يمكنك أن تضمن أن شيئاً مختلفاً سيحدث في كل مرة ، وبالرغم من الطبيعة الفريدة لكل عملية تفاوضية توجد وسائل بناءة للتحضير لها؛ من الأشخاص الذين سيحضرون؟ ما القضايا التي سيتم التفاوض حولها؟ ما الحاجة الرئيسة التي يجب تلبيتها؟ ما العروض المبدئية التي ستقدمها، وما القيود التي ستضعها على تلك العروض؟ ما الاستراتيجيات والتكتيكات التي سوف تستخدمها ؟ ومن المعلوم أن جزءاً كبيراً من هذه الطاقة يتدفق بشكل طبيعي، وعادة ما لا تلاحظ مقدار ما تقوم به من عمليات فصل الموضوعات، وتقييم الظروف المسبقة، واختيار أفضل الأساليب التفاوضية من بين المتاحة أمامك، ولكن من خلال التفكير العميق في خطوات التحضير وزيادة الوعي بما تقوم به بالفعل ، سوف تتعرف أيضاً على المجالات التي تمكن أن يتحسن أداؤك فيها.
الفصل الخامس يعالج فيه المؤلفان التقنيات الفعالة التي ينبغي استخدامها بمجرد البدء في عملية التفاوض مثل تحليل بنية القوة التي تحوزها، والقدر الكبير من التحمل والصبر والصمت ، والمفاجأة ، والتراجع الهادئ، وعكس الاتجاه، التقصي ووضع الحدود، التغلب على فترات الجمود، تحديد الخلافات ، مناقشة الحاجات المستقبلية ، تعريف أكثر دقة للافتراضات وتقييمها، كل ذلك لتدخل في مفاوضات بأسلوب واثق وخلاق وغير منحاز، وضماناً لاختراق الطرق المسدودة، وتجنباً للافتراضات المدمرة.
وإذا كنت عضواً في فريق تفاوضي فإن الفصل السادس مصمم لك تماماً؛ فهو يحلل دور المفاوض أو المدير الرئيسي، ويقدم قسماً من آليات الفريق، فالتفاوض يجمع بين الأفراد ويساعدهم في جهودهم نحو العمل لتحقيق الهدف والغاية المشتركين، أما المواجهات فتؤدي إلى نفورهم والمباعدة بينهم، كما قد تسبب
شيوع عقلية "نحن" و "هم" بين أفراد الفريق الواحد، فبناء قدر ممتاز من الإلفة والثقة مع أعضاء فريقك ستجعلك أكثر قدرة على بناء قدر ممتاز من الانسجام والثقة المتبادلة مع الطرف الآخر.
الفصل السابع يركز على التعامل مع الآخرين، إلا أنه يغوص في الجانب النفسي الخاص بكيفية قراءة الآخرين مثل تعبيرات وجهه والأصوات التي يصدرها، وصمته ، والحركات التي تصدر منه، ونستشهد هنا بقول الشاعر الأمريكي رالف والدو إيمرسون " إن طبيعتك تعلن عن نفسها بصوت مرتفع، لذا لا أستطيع أن أسمع ما تقول!". فحين نصبح أكثر وعياً بالوسائل بالغة الدقة التي يستخدمها الناس في التواصل، يمكننا جميعاً أن نصبح مفاوضين أفضل.
الفصل الثامن والأخير من هذا الكتاب يقدم العديد من النصائح التي تجعلك تبدد الكثير من الخرافات والمفاهيم الخاطئة التي قد تفتنك وتمنعك من الوصول إلى مرتبة المفاوض الأفضل التي تود الوصول إليها، ومن هذه المفاهيم؛ أن المفاوض القوي هو مفاوض متصلب الرأي لا يقبل الحلول الوسط في مسعاه لتحقيق أهدافه وغاياته، وأن المفاوض القوي شديد الكتمان للمعلومات، والاعتقاد الخاطئ بأن الفرد الذي يتكلم أكثر هو من يتحكم في العملية التفاوضية، وأن من يكسر الصمت بعد عرض يتبعه فترة صمت هو الخاسر.
وللاستفادة من هذا الكتاب" الفن الجديد للتفاوض" الذي قدمناه بين يديك تذكر دائماً أن تدخل أية علاقة تفاوضية بروح تعاونية ، ولا تقلل من أهمية التحضير الجيد، واحرص دوماً على مراقبة الآخرين بعين ثاقبة.
إعداد: سيد نوري محمد همت