قال جهاز مكافحة الكسب غير المشروع في أفغانستان، أمس، إن الدخل الشهري
للرئيس الأفغاني حميد كرزاي 525 دولارا وإن رصيده في البنك أقل من 20 ألف
دولار ولا يمتلك أي أراض أو عقارات. وعلى الرغم من أن راتبه المتواضع يمثل
خمسة أمثال المتوسط الوطني، فإنه يتناقض بشدة مع رواتب الزعماء الغربيين،
حيث يبلغ الدخل السنوي لكل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون نحو 400 ألف دولار. وأعلن المكتب الأعلى للإشراف
ولجنة مكافحة الفساد عن أصول كرزاي في إطار مرسوم يهدف إلى توفير قدر أكبر
من الشفافية في ما يخص المسؤولين. وعلى الرغم من أن تمرد طالبان ما زال
يمثل أكبر خطر على استقرار أفغانستان، فإن الفساد في كل مستوى تقريبا
بالمجتمع ما زال يمثل شكوى رئيسية للمواطنين الأفغان وأي جهة تتعامل مع
البلاد. ويسجل جهاز مكافحة التربح أصول ألفي مسؤول على الأقل منهم وزراء
وأعضاء في البرلمان وضباط كبار في الجيش والشرطة وزعماء الأقاليم وسيبدأ
نشرها هذا الأسبوع. وقال محمد ياسين عثماني، وهو رئيس اللجنة لـ«رويترز»:
«يشمل هذا أصولا لمسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم دون سن 18 عاما». وأضاف أن أي
مسؤول يتضح أنه حجب معلومات يخاطر بمقاضاته. وهناك اعتقاد أن مسؤولين
كبارا حاليين وسابقين في أفغانستان منهم اثنان من نواب كرزاي يمتلكون
مباني وأصولا تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات في الداخل
والخارج. كما أن بعضهم انخرط في عقود كبرى منحتها قوات أجنبية. وتستجوب
الشرطة كذلك 17 من الوزراء الحاليين والسابقين يشتبه في فسادهم. وفي حين
أن كرزاي اعترف بوجود مشكلة فساد في البلاد، فإنه يقول إن وسائل الإعلام
الغربية تبالغ، ويصر على أن أكبر مصدر للفساد هو تدني الرقابة على مليارات
الدولارات من عقود المساعدات التي تفوق كثيرا الميزانية الأفغانية. وأقر
وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في مارس (آذار) بأن واشنطن في حاجة لبذل
جهد أكبر لتحسين إجراءاتها في التعاقد. وقال إقرار الذمة المالية الذي
وقعه كرزاي إن راتبه الشهري 525 دولارا وإن رصيده يبلغ 18762 دولارا و134
دولارا في حسابين لدى «كومرتس بنك» في ألمانيا.
وفي حين أن الإقرار لم يذكر وجود أراض أو ممتلكات، فإنه قال إن كرزاي
المتزوج بطبيبة لا تعمل ولديه ابن واحد يمتلك مجوهرات ومقتنيات أخرى ثمينة
قيمتها 11036 دولارا.
وفي قندهار (أفغانستان) الدبابات الهجومية رابضة في مدينة قندهار
الأفغانية، معقل حركة طالبان في حين يعول الحلف الأطلسي لكسب ثقة الناس
المنصرفين للاهتمام بشؤونهم، على طريقة هادئة: تأهيل الشرطة وتدريبها
وإعادة السلطة لحكومة تعتبر غائبة. وإذا كانت العملية العسكرية الواسعة
النطاق التي شنت في الولاية تنبئ بمعارك ضارية حول هذه العاصمة الجنوبية،
فإن القوات الدولية تقسم بأن مدينة قندهار لن تكون فلوجة أخرى (المدينة
العراقية المتمردة التي دمرت في خضم الحرب في العراق). وذكرت قيادة الحلف
الأطلسي أن «قندهار لا تتعرض للحريق». وفي متاهة الأزقة الترابية في وسط
المدينة، تزدهر المتاجر الصغيرة، بينما تتزاحم السيارات وسيارات الأجرة
الصفراء والدراجات الهوائية والدراجات ثلاثية العجلات، على المرور في
الجادات الكبرى. ولا تسيطر حركة طالبان على المدينة التي يبلغ عدد سكانها
800 ألف نسمة، كما يؤكد عسكريو الحلف الأطلسي. لكنها تتسلل إليها للتزود
بالمواد الغذائية وترهيب السكان. وإلى رسائل التهديد، تضاف موجة جديدة من
الاغتيالات التي استهدفت شخصيات محلية. وقد قتل الثلاثاء حاكم إقليم
أرغنداب المجاور في وسط قندهار خلال هجوم انتحاري. وهو تهديد غير مرئي
يغذي الشعور بالإفلات من العقاب في مدينة تنخرها الجريمة والفساد. وقال
ضابط أميركي: «لا يحاربنا أحد في المدينة. المشكلة تكمن في عدم وجود
حكومة». وفي الشوارع، لا يخفى القلق على العيان. ويشكو الناس من غياب
السلطات، ويبدي بعضهم أسفه على نظام طالبان. وذكر غولالاي شيرزا الأستاذ
الجامعي: «تحصل عمليات انتحارية كل يوم، والأمر يزداد سوءا يوميا». وأعلن
الجنرال بن هودغ، المسؤول عن القوات الأميركية في الجنوب، أن «الناس لا
يثقون بحكومتهم، لأن كل ما يرونه من الحكومة، هو شرطي يسلبهم مالهم،
والإدارة السيئة للمياه، والخلافات العقارية التي لم تجد حلا». ومن أجل
تبديد الشعور بانعدام الأمن، يركز الحلف الأطلسي على تدريب شرطة أفغانية
معروفة بالعجز والفساد. وسيزداد عدد عناصر الشرطة العسكرية الأميركية ثلاث
مرات هذا الصيف، وستقام نقاط تفتيش في ضواحي المدينة. ويقول الحلف الأطلسي
إن عمليات التطوع تجري على ما يرام، لكن صفوف عناصر الشرطة الأفغانية ما
زالت مشتتة، من 800 إلى ألف رجل للمدينة.