قال محافظ سلطة النقد د. جهاد الوزير إن إصدار عملة فلسطينية لها قوة
اقتصادية، يجب أن تعتمد على فعالية وإنتاجية الاقتصاد الفلسطيني، منوها أن
سلطة النقد قطعت خطوات على طريق تحولها لبنك مركزي، وهي لا تتدخل في
السياسات الإقراضية، وإنما في نسبها ودرجة مخاطرها.
جاءت أقوال الوزير في لقاء صحفي مع 'وفا '، أوضح فيه معنى وشروط وفرص إصدار عملة فلسطينية.
وقال الوزير إن سلطة النقد قطعت خطوات مدروسة على طريق تحولها لبنك مركزي،
بدأتها منذ ثلاث سنوات، وكانت أولى خطواتها إصلاح وتطوير سلطة النقد، ومن
ثم إصلاح وتطوير الجهاز المصرفي من خلال تعليمات الحوكمة، وإدخال
التكنولوجيا لتحسين وتطوير عمل الجهاز المصرفي، ومن ثم انطلقت إلى التوسع،
بالشكل الذي يجعل من دور الجهاز المصرفي في تنمية الاقتصاد أكثر فعالية.
ويوضح الوزير أن عملية التحول إلى بنك مركزي، تتم بناء على الصلاحيات التي
أعطاها القانون الفلسطيني لسلطة النقد في تنفيذ وتطوير السياسات النقدية،
والحفاظ على السلامة المالية في القانون.
وعن سؤال للوزير إذا ما كان جاهزا اليوم، في حال إعلان قيام الدولة الفلسطينية، لأن يقوم بمهامه كبنك مركزي، وإصدار عملة فلسطينية؟.
قال 'تسمية البنك المركزي أو سلطة النقد ليست المهمة، وفيما يتعلق
بالحديث المتداول عن طباعة العملة، يرجى الانتباه أن طباعة العملة تأتي في
المرحلة الأخيرة'.
ويضيف' هناك عناصر كثيرة يجب أن تكون جاهزة، قبل أن نصل إلى مرحلة
الطباعة، وإصدار أي عملة لها قوة اقتصادية، تعتمد على فعالية وإنتاجية
الاقتصاد الفلسطيني، والسياسات الحكومية المتبعة، أو الهيكلية على مستوى
الاقتصاد الكلي الفلسطيني، ونقوم بتعزيز الأدوات التي تساهم في رفع شأن
الاقتصاد، وتطويره وتقويته، على جميع المستويات.
ويتابع الحديث' التحول إلى البنك المركزي، يعني الحديث عن قدرة سلطة
النقد، في التأثير على إعادة هيكلة الاقتصاد الفلسطيني، بالشكل الذي يؤمن
للمواطن الحفاظ على مدخراته، ورفع إنتاجيته، مؤكدا أن إعلان قيام الدولة
ليس بالضرورة أن يتبعه فورا إصدار عملة'.
ويشير الوزير إلى التحسن في السياسات المالية والنقدية، حيث قامت الحكومة
بإصلاحات هيكلية في وزارة المالية، وبتطوير إمكانياتها ودخلها، بالشكل
الذي يجعلها على الطريق السليم، والصرف بقدر الإمكانيات، ونحن لم نصل إلى
ذلك بعد، وما زلنا في الطريق إليه'.
ويضيف 'تقوم سلطة النقد أيضا بتطوير الأدوات والقرارات التحويلية اللازمة
للتأثير على الاقتصاد الوطني، ونقصد بذلك تطوير الجهاز المصرفي ومناعته
ودوره في الاقتصاد، وأيضا تطوير أدوات السوق المالي، وسلطة النقد قبل
نهاية العام ستصدر سندات إيداع سلطة النقد والتي ستخلق سوق عبر مصرفية، لم
تكن موجودة في السابق، ما يسهل على البنوك التعامل فيما بينها دون وجود
مخاطر.
وأعلن عن إنشاء مجلس مدفوعات وطني، واعتبرها خطوة أساسية لتعزيز دور
الجهاز المصرفي، ورفع فعالية وإنتاجية الحركة النقدية في فلسطين.
ويشير الوزير أن سلطته تدرس النظام المناسب لإصدار العملة، وإلى تجارب
العالم الثالث بعد استقلالها المليئة بالمآسي الاقتصادية، قائلا 'نحن لا
نريد أن ننضم إلى ركب البنوك المركزية في الدول التي تشابه تجاربنا، والتي
فشلت وأدت إلى مصائب من خلال ارتفاع التضخم بسبب سوء الإدارة، وعدم وجود
البنية التحتية المناسبة بعد إنشاء البنوك المركزية وإصدار عملتها، دون
توفر العناصر اللازمة في الاقتصاد وإدارة الاقتصاد بصورة سليمة.
ويؤكد الوزير أن سلطته في مرحلة الدراسة الجدية للأنظمة المختلفة المتبعة،
ويقول' نحن ندرس خيار 'مجلس النقد' وهو يشبه مجلس النقد الفلسطيني الذي
كان موجودا قبل العام 48، والذي ربط الجنيه الفلسطيني بسلة عملات، وهناك
تبني للسياسات النقدية المتعلقة باستقرار الاقتصاد،وهي تتطلب معرفة
لمدخلات ومخرجات الاقتصاد بكل تفاصيلها، إضافة إلى تنبؤات اقتصادية
لمخرجات الاقتصاد، ووجود مقومات مؤسسية أساسية مطلوبة.
ويضيف إصدار العملة الفلسطينية له متطلبات، حتى يؤدي هذا الإصدار إلى
التنمية الاقتصادية، ،أولها السيادة الفلسطينية، والسيطرة على المعابر،
واستقلالية البنك المركزي أو سلطة النقد، والحكومات بالعادة عندها قصر نظر
معتمد على الانتخابات، وهي تتبني سياسات تضخمية، وقد تزيد من الإنفاق لكسب
الانتخابات على المدى البعيد، مشددا على استقلالية سلطة النقد في
قراراتها، وعل عدم السماح للحكومة بالاقتراض من البنك المركزي ولا يكون
لها سيطرة على قرارات البنك المركزي حتى لا تؤدي إلى تبعات اقتصادية سيئة
على مقدرات الشعب الفلسطيني.
ومن شروط إصدار العملة أيضا، وجود نظام مالي حكومي قادر على تغطية
مصاريفه، وأن يكون هناك موازنة معقولة ومحافظة على توازن معين ولعدة سنوات.
ويشدد الوزير على دور سلطته في العمل على الإطار الاقتصادي الكلي، ووضع
سياسات في إطار مستدام، وتطوير أدوات السياسات النقدية، وهي تحديد نسبة
الفائدة وهذه مرتبطة بإصدار العملة، والتحكم في احتياطي المصارف والسيولة،
ونحن لدينا عناصر سياسات نقدية.
ويؤكد أن موضوع إصدار العملة يجب ألا يؤخذ بشكل متسرع، ولا بشكل عاطفي وأي
قرار ستتخذه سلطة النقد، سيتم بالتشاور مع جميع الأطراف الدولية والعربية.
واستغرب الوزير الضجة التي افتعلتها الصحف الإسرائيلية، مؤكدا أنها قضية
مختلقة ولا أساس لها من الصحة، حيث أشاعوا رفض مدير البنك المركزي
الإسرائيلي لعملة ننوي إصدارها لأن عليها صورة أبو عمار ومدينة يافا،
مؤكدا أن النظام النقدي شأن فلسطيني داخلي، والمطلوب من المفاوض الفلسطيني
أولا الحصول على السيادة وتبقى التفاصيل شأننا الداخلي.
ويرى الوزير أن هناك بيئة مناسبة لسلطة النقد لاتخاذ القرار الذي تراه
مناسبا، فالمجتمع الدولي أشاد بأداء سلطة النقد، وبالتحسينات التي قامت
بها، وتحكمها بالأوراق التي تحت سيطرتها، ما يعني أنها على الطريق الصحيح،
موضحا أن العملة واحدا من رموز السيادة، وأن سلطته لا تبحث فقط عن مجرد
رموز، تبحث عن أن تكون قادرة على النهوض بهذا الاقتصاد لتحقيق ذاته، والذي
لن يتحقق إلا بإزالة الاحتلال وإزالة الحواجز والمعوقات، الذي يمكنا من
التحكم بقدراتنا على التصدير والإبداع والإنتاج.
ويعلق الوزير على النقاش الجاري حول ذهاب السلطة لاعتماد عملة واحدة
متداولة في السوق، للتخلص من الآثار السلبية، لتداول ثلاث عملات في السوق
الفلسطيني.
ويؤكد وجود سلبيات لاستخدام عدة عملات في نفس السوق، ولكنه يعتقد أن سلطته
في موقف جيد، في ظل خطة التحول إلى دولة، والعمل على بناء مؤسسات الدولة،
وبالنظر إلى التجارب الأخرى في مجال السياسات النقدية، وانتقاء النظام
النقدي المناسب لدولتنا القادمة.
ويضيف في موضوع النقد هناك عدة احتمالات، ونحن نستطيع أن ننتقل من عدة
عملات إلى عملة واحدة، وهناك عناصر مختلفة لهذه العملية، ونحن ندرس بجدية
هذه القضية، ونشارك من خلال دراستنا الخبرات الدولية والمؤسسات الدولية
والتجارب الأخرى، بالذهاب نحو عملة واحدة.
وعن طريقة تعامل سلطة النقد مع قضية الذهب التي تدخل الأراضي الفلسطينية
بصورة غير شرعية، وتقوم وزارة الاقتصاد بختمها ليتم تداولها في السوق
المحلي، و يتم التعامل معه كنوع من النقد حسب اتفاقيات باريس الاقتصادية.
يقول الوزير' تم تشكيل لجنة من سلطة النقد ووزارة الاقتصاد ووزارات
أخرى لدراسة هذا الموضوع، ونحن ندرس تطوير الأنظمة والتعليمات بالشكل الذي
يسمح بخلق قطاع لصناعة الذهب، وهناك عدد من الاحتمالات التي تفحصها هذه
اللجنة المشتركة، من خلال دراسة البيئة القانونية، والوضع القانوني
والإجراءات المتعلقة لمعالجة هذا الموضوع'.
ويرفض الوزير التسليم بصحة الحديث الدائر في السوق حول التأثير السلبي
للتسهيلات الكبيرة التي منحتها البنوك كقروض للمواطنين، والتي ذهبت في
غالبها لصالح شراء المساكن والسيارات، ما سحب كل السيولة من يد المواطنين،
وبالتالي اثر على الحركة التجارية والتي تعاني نوعا من الكساد، حسبما سمعت
'وفا' من عدد من التجار.
ويؤكد الوزير عدم تدخل البنوك في سياسات الإقراض، موضحا أن نسب الإقراض
للقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والأفراد يصل إلى 64% والباقي لصالح
الحكومة.
ويضيف تتدخل سلطة النقد بصورة إيجابية وليس بصورة سلبية، والبنوك لها
الحرية في تحديد طبيعة هذا الاقراض، وندرس حاليا وبصورة جدية دعم بعض
القطاعات، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال اعتماد حوافز وتسهيلات
للبنوك، ونحن نشجع الإقراض الذي يعتمد على الأسس لمهنية السليمة
ويضيف' تتدخل سلطة النقد لصالح زيادة نسب الإقراض ويقول' في السابق كانت
الشكوى من عدم مشاركة الجهاز المصرفي من المساهمة في الاقتصاد الفلسطيني
كما هو مطلوب، وكانت نسب الإقراض متدنية، وقامت سلطة النقد برفع نسب
الإقراض بصورة طردية، من خلال تحسينات هيكلية، دون رفع نسب المخاطرة .
ويضيف اتخذت سلطة النقد قرارات بتخفيض التوظيفات الخارجية من 65% إلى 55%،
بداوعي الأزمة المالية، لأن مخاطر الاستثمار في الخارج والودائع في الخارج
أكثر من الداخل، وبهذا القرار تم إعادة 750 مليون دولار إلى السوق المحلي
استخدمت في زيادة الإقراض، ووصلت البنوك إلى مناطق لم تكن تصلها في السابق
بافتتاح 45 فرع جديد غالبها في الريف.
ويشير الوزير لتميز فلسطين في موضوع الإقراض عن غيرها بإضافة مؤسسات
الإقراض الصغيرة إلى قاعدة بيانات الائتمان، ما جعل هناك إمكانية للفقراء
الذين ليس لديهم دخل، وكانوا يقترضون من مؤسسات الإقراض الصغير إلى اللجوء
للبنك، بعد توفر قاعدة بيانات ائتمانية عنهم لدى البنوك، وأصبحت البنوك
تنظر إلى إقراض المشاريع الصغيرة، باهتمام أكبر وفتحت نوافذ جديدة في هذا
النوع من الإقراض.
ويؤكد الوزير تطوير سلطته لجهودها الرقابية في سياسة تشجيع الإقراض، لأن أي تعثر هي من يلام عليه.
ويعلن الوزير ان نهاية الربع الثالث من العام، ستشهد اندماج جديد لبنوك
صغيرة، ويصبح عدد البنوك الفلسطينية 16 بدلا من 21 بنكا، والتي تم تخفيضها
بقرار من سلطة النقد برفع رأسمال البنك من 20 إلى 35 إلى 50 مليون دولار.
ويعلل الوزير سياسته هذه بالحاجة إل تشجيع المنافسة وان فلسطين بحاجة
لعدد من البنوك الكبيرة، وان هذا القرار يهدف لعزيز كفاءة وملاءة البنوك،
وبالشكل الذي يجعلها قادرة عل مواجهة الأزمات المالية، لافتا لوجود دورة
للأزمات المالية محلية وعالمية كل خمس سنوات.
