شهدت العلاقات البلغارية – السورية تحسنا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة إثر
زيارة رئيس الوزراء البلغاري بويكو وبوريسوف ووفد كبير مرافق، وكان في
استقبالهم رئيس الوزراء السوري ناجي العطري، كما استقبل الرئيس السوري
بشار الأسد رئيس الوزراء البلغاري بوريسوف وتناولا الكثير من المواضيع
المشتركة وقضية الشرق الوسط. واتفق الطرفان على تسديد الديون البلغارية
المتراكمة منذ العهد السابق حين كان جيفكوف يحكم بلغاريا آنذاك، على أن
تدفع سوريا مبلغ 17 مليون دولار ما يعادل 25% من قيمة الديون المترتبة على
سوريا وبهذا يطوي الطرفان صفحة قديمة ويبدآن في سطر صفحات جديدة من
التعاون المشترك. كما اتفق الطرفان على افتتاح خط طيران مباشر ما بين
صوفيا ودمشق، وبلغاريا بصدد إرسال طاقم عسكري طبي متخصص للعمل في سوريا
كما هو الحال مع دولة الكويت.
ولكن ما الجديد؟ صرح وزير الدفاع البلغاري آنيو أنغيلوف بأن إيران قادرة
على تطوير صواريخ متوسطة المدى قادرة على ضرب مواقع إستراتيجية في بلغاريا
وليست هي الوحيدة القادرة على هذا في الشرق الأوسط، بل بات من الواضح بأن
سوريا أيضًا تمتلك القدرة على تصنيع هذا الصنف من الصواريخ، ولهذا يجب على
بلغاريا وباقي الدول الأوروبية وروسيا كذلك العمل على امتلاك صواريخ مضادة
للتصدي لخطر هذه الصواريخ.
جاء هذا التصريح بعد زيارة رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية ليون بانيتا
لصوفيا قبل أيام، واليوم وصل جيمس ستاينبغ إلى صوفيا اليد اليمنى للسيدة
هيلاري كلينتون، حيث سيناقش مع أنغيلوف مستقبل الدرع الصاروخية لحلف
الناتو، وتطوير الجيش البلغاري. تُرى ما الذي دعا معالي الوزير إقحام
سوريا في هذه المعادلة، في الوقت الذي لا توجد لدى سوريا أجندة بهذا
الحجم؟ وحتى لو أرادت ذلك فكيف يمكن لها أن تهدد بهذه الصواريخ قارة عظمى
إضافة لروسيا؟ كما يجب أن لا ننسى بأن الصواريخ السورية صُنعت بمساعدة
روسية. عدا عن هذا، هناك قوة كبرى في الشرق الأوسط تمتلك مئات الصواريخ
النووية وهي إسرائيل، وتعمل يوميًا على إرهاب شعبٍ أعزل، وقادرة في أي
لحظة على تدمير مجموعة دول عربية وأجنبية إذا شاءت بترسانة الصواريخ التي
تمتلكها. وبالرغم من هذا يبقى الخوف قائمًا من دول عربية شرق أوسطية لا
تملك القدرة على الدفاع عن نفسها فما بالك بمهاجمة قارات بعيدة وقوى
عالمية. إذا كانت بلغاريا ترغب في نشر عناصر من الدرع الصاروخية فوق
أراضيها، فأعتقد بأنه لا داعي لإقحام دول عربية في هذا الشأن، خاصة مع
دولة تحاول بلغاريا في الوقت الحالي إقامة علاقات طيبة معها على أسس
التعاون المشترك.
قد تكون هناك أجندة أخرى مرتبطة بزيارة بانيتا وستاينبغ إلى صوفيا! ولكن هذه مسألة أخرى تحتاج للدراسة والتمحيص.