قال عبد القادر عمارة، النائب في البرلمان المغربي عضو الأمانة العامة
لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، إنه كان على متن السفينة التي
تعرضت للهجوم من طرف الجنود الإسرائيليين، وإنه نجا من الموت بأعجوبة لأنه
كان قريبا جدا من مواطن تركي لقي مصرعه برصاص الجنود الإسرائيليين.
وأضاف عمارة في اتصال مع «الشرق الأوسط» من العاصمة الأردنية عمان: «لم
نكن نتوقع بأي شكل من الأشكال أن يتم التدخل ضدنا بكل تلك القوة العسكرية
التي أدت إلى مقتل 9 أشخاص وجرح نحو 50 آخرين».
وزاد قائلا «كنت قريبا جدا من أحد المتضامنين الأتراك الذي قتل أمامي،
وكان بيني وبينه مسافة زمنية مدتها سبع ثوان فقط، إذ اتجهت بسرعة إلى داخل
السفينة عندما بدأ الهجوم علينا في حين ظل هو على سطحها، فأصابته رصاصة في
الصدر».
وأشار عمارة إلى أن الهجوم استعملت فيه زوارق حربية مدججة بالأسلحة
وطائرات مروحية، وغاز مسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والأخطر من ذلك هو
استعمال الرصاص الحي ضد مدنيين عزل.
وأضاف عمارة «في البداية لم نستوعب أن الجنود الإسرائيليين استعملوا
الرصاص الحي إلا بعد سقوط اثنين أو ثلاثة من المتضامنين قتلى أمام أعيننا،
وعرفنا حينذاك أن الأمر يتعلق بمجزرة رهيبة، فطلب منا الجنود الإسرائيليون
مغادرة سطح السفينة والمكوث بداخلها، ونحن بدورنا بدأنا ننادي عليهم،
ونطلب منهم التوقف عن إطلاق النار نظرا لوجود قتلى».
وقال عمارة إنه بعد ذلك اقتحم الجنود الإسرائيليون السفينة واستباحوها،
وقيدونا وطلبوا منا الجلوس على الأرض، ولم يراعوا حال الصغير ولا الكبير
في السن، ولا البرلماني ولا الصحافي.
وردا على سؤال حول ادعاء إسرائيل باستعمال المتضامنين لأسلحة في مواجهة
الجنود، قال عمارة «لم يستعمل أي واحد منا العنف كل ما في الأمر أننا كنا
قررنا أن ندافع عن أنفسنا بتشكيل دروع بشرية، لكن عندما بدأ الإسرائيليون
يستعملون الرصاص المطاطي، دافع المتضامنون عن أنفسهم بالاشتباك معهم
بالأيادي، ومنهم من استعمل خراطيم المياه، لكن الجنود الإسرائيليين كانوا
مصممين على القتل بدم بارد، بدليل سقوط هذا العدد الكبير من القتلى،
بالإضافة إلى أكثر من 50 جريحا أصيبوا في أعضاء مختلفة من أجسامهم».
وزاد عمارة قائلا: «عند ما وصلنا إلى ميناء أشدود أدخلونا إلى خيام هي
عبارة عن مكاتب. وكان كل مكتب مختص بإجراء محدد، مثل التفتيش، وتدوين
المعلومات، وأخذ البصمات والتقاط الصور لنا، واستمرت هذه الإجراءات من
السابعة مساء إلى السابعة صباحا أي على امتداد 12 ساعة». وأضاف البرلماني
المغربي: «عشنا إرهابا لا يوصف لمدة ثلاثة أيام من دون أكل أو شرب، وحتى
الذهاب إلى دورة المياه كان يتم حسب مزاج الحراس».
وقال عمار «لو لم أعش ما حدث حقيقة، لقلت إن الأمر يتعلق بفيلم هوليوودي،
لأن نقلنا في شاحنات مثل الأقفاص، وانتظارنا لساعات طويلة، من دون أكل ولا
شرب، هي مشاهد ذكرتني بالأفلام».
وأضاف «الآن أفهم لماذا يقاوم الفلسطينيون بهذه الشراسة لأنهم يعانون
يوميا من الإهانات والتعنيف، وبالتالي من الطبيعي أن تكون ردة فعلهم قوية».
وفي دمشق قال المطران هيلاريون كبوتشي، مطران القدس في المنفى، إنه تعرض
لمعاملة وحشية ولا أخلاقية من قبل الجنود الإسرائيليين الذين قاموا
بالهجوم على أسطول الحرية. وأضاف: «لقد قيدوا يدي، وحاولوا إجباري على
الركوع ولم أفعل». والمطران كبوتشي أحد المتضامنين السوريين الأربعة (حسن
رفاعي - مواليد 1967، ومحمد سلطة - مواليد 1963، وشذى بركات - مواليد
1965)، الذين كانوا ضمن 700 متضامن من أربعين جنسية حملهم (أسطول الحرية)،
الذي تعرض لهجوم عسكري إسرائيلي فجر يوم الاثنين الماضي. وأفرج عن
السوريين الأربعة ضمن دفعة من المتضامنين من جنسيات مختلفة، أفرجت عنهم
سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وعاد المتضامنون السوريون إلى بلدهم عن طريق الأردن، حيث كان في انتظارهم
السفير السوري لدى الأردن، بهجت سليمان، وخُصص لهم استقبال رسمي وشعبي
حاشد عند معبر نصيب الحدودي في محافظة درعا.
وفور وصولهم الأراضي السورية، صرح المطران كبوتشي بأنه تعرض «لاعتداء وحشي
من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكبلوا يدي دون أي رادع إنساني أو
أخلاقي وحاولوا إيقاعي أرضا»، مؤكدا أن «جريمة إسرائيل ضد أسطول الحرية
عرتها وكشفت عنصريتها وفاشيتها للعالم». وقال إن «قوة إسرائيل نسبية وليست
مطلقة فهي تستمد قوتها من ضعف العرب»، داعيا إلى «توحيد الصف الفلسطيني
والعربي لأنه السبيل الوحيد لمواجهة إسرائيل»، التي وصفها «بمجموعة من
البشر جاءت من أطراف الأرض يجمعهم الدين فقط، وهم ليس لديهم أخلاق أو
تقاليد».
وأضاف كبوتشي أن «ناشطي ومتضامني أسطول الحرية تعرضوا لأبشع أنواع القرصنة
ولأساليب تحقيق دنيئة»، متعهدا بالعودة مرة أخرى إلى غزة على متن سفينة
أخرى لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة. وزاد المطران كبوتشي قائلا إن
«أسطول الحرية حقق أهدافه في تعرية إسرائيل».
أما المتضامنة السورية، شذى بركات، وهي أم لثلاثة أطفال، انتظرت عائلتها
عودتها بفارغ الصبر، فقالت إنها تعرضت لمعاملة مهينة من قبل الجنود
الإسرائيليين الذين حاولوا الاستهزاء بها لأنها سورية، مشيرة إلى أنها
تعرضت لأسئلة تهكمية عن أسباب مجيئها إلى غزة وتركها بيتها وأولادها
الثلاثة.
وردا على سؤال حول بقع الدماء الموجودة على كوفية فلسطينية تلفها حول
عنقها، قالت بركات: «هذا شال مضرج بدم شهيد تركي رماه إسرائيليون في البحر
بعد قتله». وأضافت أنهم كانوا يتصرفون بعنف وصلف.
من جانبه، وصف المتضامن حسن رفاعي الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية
على أسطول الحرية بأنه «عملية إرهابية منظمة ارتكبها جنود أقل ما يمكن
وصفهم بأنه فاشيون»