دفن الرسول والصلاة عليه
فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم الثلاثاء وضع في سريره في بيته وقد كان
المسلمون اختلفوا في دفنه . فقال قائل ندفنه في مسجده
وقال قائل بل ندفنه مع أصحابه فقال أبو
بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما
قبض نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي توفي عليه فحفر له تحته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلون عليه أرسالا ، دخل الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء حتى
إذا فرغ النساء أدخل الصبيان . ولم يؤم الناس على رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحد .
ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء .
دفن الرسول قال ابن إسحاق :
وحدثني عبد الله بن أبي بكر ،
عن امرأته فاطمة بنت عمارة عن عمرة بنت عبد
الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن عائشة رضي الله عنها : جوف الليل من ليلة الأربعاء .
من تولى دفن الرسول
وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن
أبي طالب ، والفضل بن عباس
، وقثم بن عباس ، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب يا علي ، أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال له انزل فنزل مع القوم وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في حفرته وبنى عليه قد أخذ قطيفة وقد
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها ،
دفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا . قال فدفنت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم .
كيف صلي على جنازته عليه السلام
ذكر ابن إسحاق
وغيره أن المسلمين صلوا عليه أفذاذا ، لا يؤمهم أحد ، كلما جاءت طائفة صلت عليه وهذا خصوص به صلى الله عليه وسلم ولا يكون هذا
الفعل إلا عن توقيف وكذلك روي أنه أوصى بذلك ذكره الطبري مسندا ، ووجه الفقه فيه أن الله تبارك وتعالى افترض الصلاة عليه بقوله صلوا عليه وسلموا تسليما [ الأحزاب : 56 ] وحكم هذه الصلاة التي تضمنتها الآية ألا تكون بإمام والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الآية وهي
متناولة لها ، وللصلاة عليه على كل حال وأيضا فإن الرب تبارك وتعالى ، قد أخبره أنه يصلي عليه
وملائكته فإذا كان الرب تعالى هو المصلي والملائكة قبل
المؤمنين وجب أن تكون صلاة المؤمنين تبعا لصلاة
الملائكة وأن تكون الملائكة هم الإمام والحديث الذي ذكرته عن الطبري فيه طول وقد رواه البزار
أيضا من طريق مرة عن ابن مسعود وفيه أنه حين جمع أهله في بيت عائشة - رضي الله عنها - أنهم قالوا : فمن يصلي
عليك يا رسول الله ؟ قال فهلا غفر الله لكم وجزاكم عن
نبيكم خيرا ، فبكينا وبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إذا غسلتموني ،
وكفنتموني ، فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير
قبري ، ثم اخرجوا عني ساعة فإن أول من يصلي علي جليسي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم
إسرافيل ثم ملك الموت مع جنوده ثم الملائكة بأجمعها ، ثم ادخلوا علي
فوجا بعد فوج فصلوا علي وسلموا ، تسليما ، ولا تؤذوني بتزكية ولا ضجة
ولا رنة وليبدأ بالصلاة علي رجال بيتي ثم نساؤهم وأنتم
بعد أقرئوا أنفسكم السلام مني ، ومن غاب من أصحابي فأقرئوه مني
السلام ومن تابعكم بعدي على ديني ، فأقرئوه مني السلام
فإني أشهدكم أني قد سلمت على من تابعني على ديني من اليوم إلى يوم القيامة " ، قلت : فمن يدخلك قبرك يا رسول الله ؟ قال "
أهلي مع ملائكة كثير يرونكم من حيث لا ترونهم